(42) التنويريون الليبراليون وحائط الحاكمية
د - أحمد إبراهيم خضر
ينطلق الطرح التنويري الليبرالى المعاصر من نقطة محورية : هي رفض الإحتكام إلي النص، وتجنب الاصطدام بما يسمونه بـ "حائط الحاكمية" ويقولون في ذلك على لسان شريف يونس "........... حقيقة الأمر أن الطرح التنويري إنما يريد التخلـص من حاكميه النص عن وعى وإدراك كاملين بمخاطر محتواه ". أما حجتهم في رفض الإحتكام إلي النــص فتقوم على أساس علماني بحت قوامه أن الإحتكام إلى النص يعتبر " إخلالا بقيم الحـرية والفردية والمواطنة والنزعة الإنسانية عموما". ورغم أنهم يرون أن في الإسلام العديد من التوجهات الخيـــرة ذات الطابع الإنساني إلا أنهم لا يحبذون ما يسمونه بمبدأ الانتقائية فيرون أن الإنتقاء لايتم " إلا من القيـــم المطروحة علـــى الأساس الراسخ لمبدأ العلمانية ".

لجأ التنويريون الليبراليون إلى محاولة اختراق هذا الحائط فبذلوا ثلاث محاولات اعترفوا بأن جميعها باءت بالفشل :

الأولى : انتهاج خط ما يسمى " باللف والدوران" حول النص.
الثانية : انتهاج خط ما يسمى بـ " بالمطاطية فى تأويل النصوص".
الثالثة " الإستعانة بنصوص التنويرين القدامى.

وعن الإعتراف بفشل الخط الأول يقول " شريف يونس " في كتابه "سؤال الهوية" ص 20 وما بعدها معلقا على محاولة إيضاح وجود تناقضات كامنة في فكرة الحاكمية :" وسوف تكشف لنا هذه الحالة بالذات كيف أن هذا اللــف والدوران ليـس من شأنه أن يجنبنا الإصطدام بحائط الحاكمية . فردا على طرح الدكتور فؤاد ذكريا في ندوة قديمة بعنـوان " الإسلام والعلمانية "، ومؤداه أنه لا مفر من أولوية العقل على النص، حيث أن حكـــم الإسلام لا يخرج عـن كونه حكما بشريا مبنيا على تأويل النص ؛ أوضح القرضاوى وآخرون أن هــذا لا يمنع من أن الحكم البشرى استرشادا بالنص الإلهي يظل أفضل من الحكم بغير هذا الاسترشاد، وهو أمـر صـادر ممن هو أعلم بالبشر، وأن القدرة على التأويل ليست مطلقة، وإنما لها حدود يعرفها أولوا العلم"